خلق الله الإنسان، وفطره على حب الأرض التي خلقه منها، وركبه من عناصرها، وفيها يعيده، ومنها يخرجه تارة أخرى ولماذا يحب الإنسان أرضه ووطنه الذي فيه وُلد ونشأ، وبين أهله كبر وترعرع؟!
يقول الشيخ محمد الغزالي: "والبشر يألفون أرضهم على ما بها، ولو كانت قفرًا مستوحشًا، وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحن إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هُوجم، ويغضب له إذا انتقص".
ولنتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم حب الأوطان:
عاش النبي صلى الله عليه وسلم في مكة مع أصحابه، وسط حملات لم تتوقف من الاضطهاد والتعذيب، حتى ضاق الأمر بكثير من الصحابة الذين قالوا لنبيهم صلى الله عليه وسلم: "ألا تدعو الله لنا ألا تستنصر" (السنن الكبرى للنسائي)، ألا نقاتلهم وندفع عن نفسنا، فيقول لهم "اصبروا فإني لم أؤمر بقتال بعد؟!".
- ويمر على ياسر وزوجته سمية وابنهما عمار، وهم يذوقون من العذاب ألوانًا، فلم يقل لهم صبرًا آل ياسر فإن الثأر قادم، أو الانتقام قادم، كلا، وإنما قال "صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة"، إنه الحرص على سلامة الوطن، إنه تجنيب الوطن لحرب أهلية، تُسفك فيها الدماء، وتُمزق البلاد، إنه ما يعبر عنه في أيامنا، الحرص على مصلحة الوطن العليا.
- ويهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، تاركًا مكة مكرهًا غير مختار، وقد أخرجه قومه، وعلى مشارف مكة يخاطب مكة، يخاطب جبالها ووديانها، يخاطب شوارعها ومبانيها، والحزن يعتصر قلبه، والدمع يملأ عينه- لكن حب الدين مقدم على حب الوطن- "ما أطيبك من بلد، وما أحبك إليَّ، ولولا أن قومك أخرجوني منك، ما سكنت غيرك" (رواه الترمذي).
وبعد أن هاجر ليتخذ من المدينة وطنًا ثانيًا، ظهرت وطنيته وانتماؤه صلى الله عليه وسلم للمكان الذي يعيش على ترابه في مظاهر كثيرة منها:
1- دعاؤه صلى الله عليه وسلم للمدينة، بقوله: "اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد" (متفق عليه).
وكان يُسرُّ عندما يرى معالِمَها التي تدلُّ على قرب وصوله إليها؛ فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: "كان رسول الله إذا قدم من سفرٍ، فأبصر درجات المدينة، أوضع ناقتَه- أي: أسرع بها- وإن كانت دابة حرّكَها، قال أبو عبد الله: زاد الحارث بن عمير عن حميد: "حركها من حبّها" (أخرجه البخاري).
2- تقوية الجبهة الداخلية، فكانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، والتي بلغت في بدايتها لدرجة التوارث، تأكيدًا على عراها.
3- تأمين الجبهة الداخلية:
- فكانت المعاهدة بين المسلمين وغير المسلمين، ممن يساكنونهم المدينة من اليهود ومشركي العرب.
- كذلك حماية المدينة من التهديدات والمخاطر التي تهدد الوحدة الوطنية، فكان من ذلك:
* تدخله السريع لمنع الفتنة التي أراد اليهود أن يوقعوها بين الأنصار من الأوس والخزرج، حينما ذكروهم بما كان بينهم في الجاهلية، وبقتلاهم يوم بعاث، فكانت كلمته العظيمة "الله الله أدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم؟" (رواه أحمد).
* كذلك حينما سمع أهل المدينة صوتًا أفزعهم من الليل، فقام شجعان وفرسان المدينة؛ لينظروا ذلك الصوت، فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يلقاهم عائدًا من ناحية الصوت، قائلا: "لن تراعوا لن تراعوا" (البخاري في الأدب المفرد).
* كذلك تغاضيه محاولات المتطرفين من اليهود الذين تآمروا أكثر من مرة:
3- الدفاع عن الوطن، فكان تجهيز الجيش وإعداده، وخوض معارك عديدة؛ للحفاظ على كيان الدولة في المدينة.
وحب الوطن ليس مجرد شعارات أو مشاعر وأحاسيس فقط، وإنما هو أعمال وأفعال، نستطيع أن نخلص إليها مما تقدم في النقاط التالية:
1- الدعاء للوطن بكل خير.. كما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لوطنه: "اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة" (متفق عليه).. فمن منا يدعو لوطنه؟
2- العمل على قوة مكونات المجتمع:
- صلة أرحامنا: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)) (محمد).
- الإحسان لجيراننا: فعن أبي هريرةَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ" (المنذري في الترغيب والترهيب).
- حب الخير لبعضنا: قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّه لنفسه" (رواه البخاري).
- التعاون: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: من الآية ٢).
- متانة العلاقات مع شركاء الوطن من غير المسلمين بالبر والقسط والإحسان، وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا مَن ظَلَمَ مُعَاهدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ؛ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ" (رواه أبو داود).
- التخلي عن الحقد والضغينة والأنانية والانتهازية، وغيرها من الأخلاق والسلوكيات والممارسات السلبية..).
3- العمل على حفظ وتنمية مقدرات الوطن:
- الحفاظ على ممتلكات الوطن ومؤسساته ومنشآته.
- العمل والتنمية لتقدم الوطن ورقيه.
- التفاني في خدمة الوطن.
- التجرد في العطاء للوطن، دون انتظار شكر أو ثناء أو شارة.
4- الدفاع عن الوطن ضد أي هجمة تستهدف هويته أو ترابه أو مكوناته، فكرية أو عسكرية.
هكذا حب الوطن قيمة إسلامية وإيمانية، تعبدنا الله بها، فهي سمة من سمات المؤمن الصادق؛ فهل بعد ذلك من تهمة لأصحاب الفكر الإسلامي في وطنيتهم وحبهم للأرض التي يعيشون عليها؟!.
يقول الشيخ محمد الغزالي: "والبشر يألفون أرضهم على ما بها، ولو كانت قفرًا مستوحشًا، وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحن إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هُوجم، ويغضب له إذا انتقص".
ولنتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم حب الأوطان:
عاش النبي صلى الله عليه وسلم في مكة مع أصحابه، وسط حملات لم تتوقف من الاضطهاد والتعذيب، حتى ضاق الأمر بكثير من الصحابة الذين قالوا لنبيهم صلى الله عليه وسلم: "ألا تدعو الله لنا ألا تستنصر" (السنن الكبرى للنسائي)، ألا نقاتلهم وندفع عن نفسنا، فيقول لهم "اصبروا فإني لم أؤمر بقتال بعد؟!".
- ويمر على ياسر وزوجته سمية وابنهما عمار، وهم يذوقون من العذاب ألوانًا، فلم يقل لهم صبرًا آل ياسر فإن الثأر قادم، أو الانتقام قادم، كلا، وإنما قال "صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة"، إنه الحرص على سلامة الوطن، إنه تجنيب الوطن لحرب أهلية، تُسفك فيها الدماء، وتُمزق البلاد، إنه ما يعبر عنه في أيامنا، الحرص على مصلحة الوطن العليا.
- ويهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، تاركًا مكة مكرهًا غير مختار، وقد أخرجه قومه، وعلى مشارف مكة يخاطب مكة، يخاطب جبالها ووديانها، يخاطب شوارعها ومبانيها، والحزن يعتصر قلبه، والدمع يملأ عينه- لكن حب الدين مقدم على حب الوطن- "ما أطيبك من بلد، وما أحبك إليَّ، ولولا أن قومك أخرجوني منك، ما سكنت غيرك" (رواه الترمذي).
وبعد أن هاجر ليتخذ من المدينة وطنًا ثانيًا، ظهرت وطنيته وانتماؤه صلى الله عليه وسلم للمكان الذي يعيش على ترابه في مظاهر كثيرة منها:
1- دعاؤه صلى الله عليه وسلم للمدينة، بقوله: "اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد" (متفق عليه).
وكان يُسرُّ عندما يرى معالِمَها التي تدلُّ على قرب وصوله إليها؛ فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: "كان رسول الله إذا قدم من سفرٍ، فأبصر درجات المدينة، أوضع ناقتَه- أي: أسرع بها- وإن كانت دابة حرّكَها، قال أبو عبد الله: زاد الحارث بن عمير عن حميد: "حركها من حبّها" (أخرجه البخاري).
2- تقوية الجبهة الداخلية، فكانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، والتي بلغت في بدايتها لدرجة التوارث، تأكيدًا على عراها.
3- تأمين الجبهة الداخلية:
- فكانت المعاهدة بين المسلمين وغير المسلمين، ممن يساكنونهم المدينة من اليهود ومشركي العرب.
- كذلك حماية المدينة من التهديدات والمخاطر التي تهدد الوحدة الوطنية، فكان من ذلك:
* تدخله السريع لمنع الفتنة التي أراد اليهود أن يوقعوها بين الأنصار من الأوس والخزرج، حينما ذكروهم بما كان بينهم في الجاهلية، وبقتلاهم يوم بعاث، فكانت كلمته العظيمة "الله الله أدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم؟" (رواه أحمد).
* كذلك حينما سمع أهل المدينة صوتًا أفزعهم من الليل، فقام شجعان وفرسان المدينة؛ لينظروا ذلك الصوت، فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يلقاهم عائدًا من ناحية الصوت، قائلا: "لن تراعوا لن تراعوا" (البخاري في الأدب المفرد).
* كذلك تغاضيه محاولات المتطرفين من اليهود الذين تآمروا أكثر من مرة:
3- الدفاع عن الوطن، فكان تجهيز الجيش وإعداده، وخوض معارك عديدة؛ للحفاظ على كيان الدولة في المدينة.
وحب الوطن ليس مجرد شعارات أو مشاعر وأحاسيس فقط، وإنما هو أعمال وأفعال، نستطيع أن نخلص إليها مما تقدم في النقاط التالية:
1- الدعاء للوطن بكل خير.. كما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لوطنه: "اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة" (متفق عليه).. فمن منا يدعو لوطنه؟
2- العمل على قوة مكونات المجتمع:
- صلة أرحامنا: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)) (محمد).
- الإحسان لجيراننا: فعن أبي هريرةَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ" (المنذري في الترغيب والترهيب).
- حب الخير لبعضنا: قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّه لنفسه" (رواه البخاري).
- التعاون: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: من الآية ٢).
- متانة العلاقات مع شركاء الوطن من غير المسلمين بالبر والقسط والإحسان، وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا مَن ظَلَمَ مُعَاهدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ؛ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ" (رواه أبو داود).
- التخلي عن الحقد والضغينة والأنانية والانتهازية، وغيرها من الأخلاق والسلوكيات والممارسات السلبية..).
3- العمل على حفظ وتنمية مقدرات الوطن:
- الحفاظ على ممتلكات الوطن ومؤسساته ومنشآته.
- العمل والتنمية لتقدم الوطن ورقيه.
- التفاني في خدمة الوطن.
- التجرد في العطاء للوطن، دون انتظار شكر أو ثناء أو شارة.
4- الدفاع عن الوطن ضد أي هجمة تستهدف هويته أو ترابه أو مكوناته، فكرية أو عسكرية.
هكذا حب الوطن قيمة إسلامية وإيمانية، تعبدنا الله بها، فهي سمة من سمات المؤمن الصادق؛ فهل بعد ذلك من تهمة لأصحاب الفكر الإسلامي في وطنيتهم وحبهم للأرض التي يعيشون عليها؟!.